• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور أحمد إبراهيم خضر / مقالات
علامة باركود

قراءة حديثة في ظاهرة " البلطجة " في المدارس

د. أحمد إبراهيم خضر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/3/2013 ميلادي - 1/5/1434 هجري

الزيارات: 33901

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قراءة حديثة في ظاهرة "البلطجة" في المدارس


يتفق الخبراء الاجتماعيون على أن "البلطجة" توجد في كل مدرسة، وفى كل مجتمع، وفى كل دولة، وأنها تتصاعد بدرجة مخيفة، وتعترف الأكاديميات العلمية المتخصصة في شؤون الأطفال والمراهقين بتقديرات الأطباء النفسيين بأن نصف طلاب المدارس يتعرضون للبلطجة في وقت ما من مراحل حياتهم الدراسية، وأن سلوكيات "البلطجة" متصل يتورط فيه الكثير من الطلاب على عدة مستويات، وأن معايشة "البلطجة" قائمة عند الطلاب؛ سواء أكانوا فاعلين، أم ضحايا، وأن كليهما - على الأغلب - يعانيان من حالات اكتئاب وقلق شديدتين.


وتحدث سلوكيات "البلطجة" في المدرسة لأي طفل في مختلف المراحل الدراسية، لكن أكثر الفئات تعرضًا لهذه السلوكيات هم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو المعاقين.


والآتي بعد هو خلاصة البحوث والدراسات التي أجريت حول ظاهرة البلطجة.


أولاً: مصطلح "البلطجة":

يرى بعض الباحثين أن مصطلح "بلطجي" مشتق من اللغة التركية، والذي يعني "حامل البلطة"، وبالرغم من أن هناك استخدامات أخرى أفضل من ذلك - كمصطلح "المتنمر"، أو "المستأسد"، أو حتى " الفتوة " - فإن ترجمة المصطلح إلى الإنجليزية تعني "BULLY"، وهي ترجمة قريبة إلى اللغة التركية؛ ولهذا نرى أن شيوع استخدام مصطلح "البلطجة"، وعدم وفاء المصطلحات الأخرى بخصائصه، كل ذلك يجعله أكثر مناسبة لموضوعنا هنا.


ثانيًا: تعريف "البلطجي":
يعرف "البلطجي" بأنه الشخص الذي يقوم بصفة متكررة وعبر الزمن بأفعال سلبية غير اجتماعية وغير مرغوبة ضد شخصٍ آخر، أو مجموعة أشخاص ممن يجدون صعوبة في الدفاع عن أنفسهم.


ويتضمن هذا التعريف ثلاثة أمور هامة:

1 - أن "البلطجة" سلوك عدواني يشتمل على أفعال سلبية وغير مرغوبة.


2 - أن "البلطجة" نمط سلوكي متكرر عبر الزمن، بمعنى أنه ليس مقصورًا على فترة زمنية معينة.


3 - أن "البلطجة" تتضمن عدم توازن في القوة والسلطة.


ثالثًا: دحض فكرة أن ظاهرة البلطجة مجرد أسطورة:

يرى الباحثون أن العديد من أولياء الأمور والمدرسين وإدارات المدارس، يتبنون منظومة فكرية قوامها أن ظاهرة "البلطجة" مجرد "أسطورة"، وأنها سلوك عادي سيأخذ وقته، وكمشكلة سوف تنتهي من تلقاء نفسها، وتمر كمجرد خبرة في ذاكرة الطلاب، كما أنها غير شعبية، لكن الحقيقة الظاهرة هي أن ظاهرة "البلطجة" خبرة مشتركة للأطفال في المدارس، وهي أكثر انتشارًا عما هو متصور، وأن هؤلاء الآباء والمدرسين والإداريين - كما يرى الباحثون - واهمون، وهم كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال؛ ذلك لأن الصغير الذي يتعرض لسلوكيات البلطجة، سوف يحمل معه حينما يكبر ذكريات ومخاوف عاطفية تؤثر على مستقبله؛ ولهذا فإن أكبر العوامل التي تساعد على انتشار سلوكيات "البلطجة" هو التسامح فيها، والتغاضي عنها، وعدم اتخاذ مواقف لمواجهتها.


ويؤكد هؤلاء الباحثون وجهة نظرهم بقولهم: إنه "إذا كان لديك حيوان تقوم بضربه باستمرار، وأصبح هذا السلوك ملازمًا له حتى عندما يكبر، فإن النتيجة أن هذا الحيوان سينظر إلى كل من يقترب منه على أنه معاد له، هكذا هو حال الطفل الذي يتعرض دومًا لسلوكيات "البلطجة". سينظر إلى الآخرين نظرة سلبية، إلى درجة أن مجرد ارتداء زملائه زيًّا مدرسيًّا واحدًا، يجعلهم بالنسبة إليه أعداءً محتملين، وطالما أنه يتعرض للإيذاء عبر مختلف المراحل الدراسية، فإنه سيكبر وليست لديه صورة إيجابية عن المجتمع، ومن ثَمَّ تزيد احتمالات التمرد عنده، أو أن يكون شخصية غير مبالية، فمعظم الصغار الذين يتعرضون للمتاعب وهم كبار، كانوا تعرضوا أصلاً للإيذاء وهم في سن المدرسة.


رابعًا: أشكال "البلطجة":

تأخذ سلوكيات "البلطجة" أشكالاً عدة حدد الباحثون تسعة أشكال؛ منها:

1- البلطجة الشفهية: يوصم فيها الضحية بأسماء وتعليقات محطة بالكرامة، وجعله موضع سخرية بين أقرانه.


2- البلطجة عن طريق عزل الآخر وإقصائه.


3- البلطجة البدنية؛ مثل: الضرب والركل، والدفع العنيف والبصق.


4- البلطجة عبر الكذب ونشر إشاعات كاذبة عن سلوكيات سلبية عن الضحية بغرض تخويفه وإذلاله.


5- البلطجة عبر الاستيلاء على مال الضحية أو ممتلكاته.


6- البلطجة بتهديد الضحية أو إجباره على فعل أشياء لا يرغبها.


7- البلطجة العرقية عبر الحط من قيمة الآخر بسبب سلالته أو عرقه أو لونه... إلخ.


8- البلطجة الجنسية.


9- البلطجة عبر الإنترنت أو الهاتف المحمول.


خامسًا: خصائص الأشخاص الذين يمارسون البلطجة والأسر والبيئات التي ينتمون إليها:

صنف بعض الباحثين من يقومون بسلوكيات "البلطجة" إلى عدة أنواع:

1- الأكثر نشاطًا: وهو الذي لا يفهم ما تعارف الناس عليه اجتماعيًّا، ومن هنا تكون سلوكياته ضد الآخرين غير مناسبة، وتميل إلى الإيذاء البدني، وبسبب افتقار هذا الشخص إلى المهارات الاجتماعية والتفكير العميق، فإنه ينفجر لأسباب تافهة.


2- المخطط: وهو الذي يخطط لهجومه، ويتحدث مع كل أحد إلا ضحيته.


3- الدنيء: وهو الشخص الذي يفتقد إلى الثقة في النفس، ويتعامل مع الآخرين بصورة دنيئة، وغالبًا ما يلجأ إلى نشر الإشاعات عن ضحيته.


4- العاجز: وهو الشخص الذي يتخلص من عجزه بالاستئساد على الآخرين.


وقام باحثون آخرون بتحديد خصائص هؤلاء الأشخاص على النحو التالي:

1- تزيد احتمالات مشاركات هؤلاء الأشخاص في المشاجرات، كما تزيد احتمالات إصاباتهم فيها، وهم أكثر ميلاً لتخريب الممتلكات، وشرب الكحوليات، والتدخين والإدمان على تعاطي المواد المخدرة، وحمل السلاح، والسرقة، وضعف التحصيل الدراسي، بالإضافة إلى زيادة احتمالات إصابتهم بأعراض القلق والاكتئاب.


2- رغم أن سلوكيات هؤلاء التلاميذ تعتبر مؤشرا لسلوك عنيف وغير اجتماعي خطير، فإنه لا يمكن القول بأن جميعهم يعانون من مشاكل سلوكية، أو متورطون في أنشطة فيها خرق للقواعد المعمول بها؛ ذلك لأن البعض منهم - على عكس السمة العامة لهؤلاء الأشخاص - يتميز بدرجة عالية من المهارات الاجتماعية، ويَحظَون بتقدير عالٍ عند مدرسيهم وعند البالغين الآخرين، ورغم وجود هذه الخاصية عند الذكور، فإنها أكثر انتشارًا عند الإناث ممن يمارِسْنَ سلوكيات"البلطجة"، إلا أنه من الصعب على المسؤولين أو غيرهم اكتشاف ذلك، أو حتى تخيُّل أن هذا النوع من التلاميذ يقوم بسلوكيات بلطجة.


3- قد لا يتعمد الشخص منهم التسبب في الإيذاء البدني لزميله؛ لأنه يبحث فقط عن جذب الاهتمام إليه، ونظرًا لأنه يشعر بفقْد احترامه لذاته، نجده يتعمد إذلال الآخرين لشعوره بأنه أفضل منهم.


4- يفتقر هذا النوع من الأشخاص - بصفة عامة - إلى التعاطف، والرحمة، والشفقة، والحكمة، وكذلك إلى المهارات الاجتماعية في التعامل مع الآخرين، باستثناء القلة التي أشرنا إليها، ومن ثم يكونون قساة في تعاملاتهم، وكثيرًا ما يستخدمون "البلطجة" كوسيلة لإدارة الغضب، ويشبه الباحثون الواحد منهم بهذا الشخص الذي يقوم بضرب وسادة بشدة وعنف، فهو شخص متسلط، يلوم الآخرين، ويزدري من هو أصغر منه، وينظر إليه على أنه فريسة سهلة ضعيفة، وهم لا يقبلون تحمُّل المسؤولية عن أفعالهم، ويعتنون فقط بأنفسهم، ومحاولة جذب الاهتمام إليهم.


5-الصغار الذين يقومون بسلوكيات بلطجة ضد أطفال آخرين أضعف منهم، هم أنفسهم كانوا عرضة لأفعال فيها بلطجة من قِبَل آخرين؛ سواء في المنزل، أو المدرسة، وعلى مستوى الأسرة تبين الدراسات أن معظم أصحاب سلوكيات "البلطجة" كانوا قد استغلوا من قبل إخوة لهم أكبر منهم سنًّا، رغبة من هؤلاء الكبار إثبات سلطتهم في المنزل.


6- يشعر الشخص الذي يقوم بهذه السلوكيات بأن هذا السلوك يستحوذ عليه، وأنه مجبر على الإتيان به، والإفراط فيه؛ بحيث يكون غير قادر على الحياة بدون أن يستهدف ضحية أمامه.


7- غالبًا ما يسود سلوك "البلطجة" في الصغار الذين ينتمون إلى أسر لا يحترم أفرادها بعضهم البعض الآخر، ولا يتعلم الصغار فيها احترام حقوق الآخرين، كما كشفت البحوث والدراسات التي أُجريت في إنجلترا وألمانيا، والنرويج واليابان، وجنوب إفريقيا، والولايات المتحدة - أن سلوكيات "البلطجة"بين الصغار يعود إلى تنشئتهم في أسر تتميز فيها سلوكيات الوالدين بالتسلط، والعداء، والأذى، والضرب البدني.


أما الأطفال الذين يعيشون في بيئة ودية، وراعية، ومستجيبة - فيكونون أقل ميلاً إلى سلوكيات "البلطجة"؛ ذلك لأن الأطفال يتعلمون من آبائهم كيف يتصرفون، وكيف يتفاعلون مع الآخرين، فإذا تعلم الصغار منهم الغضب، والعدوانية في المنزل، فإنهم سوف يمارسون ذلك في علاقاتهم مع الآخرين.


8- بينما تقول بعض الدراسات: إن احتمالات سلوكيات "البلطجة" تزيد في الأسر التي تنتمى إلى طبقات دنيا أو عُليا، والأسر ذات الدخل المتدني والعالي عن الأسر ذات الدخل المتوسط، ترى دراسات أخرى أنه ليست هناك ارتباطات هامة بين سلوكيات "البلطجة" وبين انتماء أصحابها إلى أي دين أو سلالة، أو مستوى دخْل معين، أو طلاق، أو أي عامل اقتصادي، أو اجتماعي معين، فهم يأتون من كل الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية.


9 - تتغير سلوكيات "البلطجة" بين المناطق والمدن الحضرية وشبه الحضرية عن مثيلاتها في المناطق الريفية.


10 - تكشف العديد من الدراسات أن سلوكيات "البلطجة" تزيد عند الأولاد، وتقل عند البنات، وهناك دراسات أخرى ترى أن الأولاد والبنات يتساوَون في سلوكيات "البلطجة"، إلا أن الأولاد أكثر ممارسة للإيذاء البدني، والبنات أكثر ممارسة للإيذاء الشفاهي والنفسي.


11 - يتفق الصغار الذين يقومون بسلوكيات بلطجة مع ضحاياهم في مواجهة صعوبات في التكيف الاجتماعي والنفسي مع البيئة المحيطة بهم، وفي تكوين الأصدقاء، كما يعانون من الانعزال الاجتماعي، والتخلف الدراسي ومعاناة مشاكل سلوكية.


12 - تبين بعض الدراسات أن هؤلاء الذين يمارسون على الآخرين سلوكيات بلطجة، تزيد احتمالات ارتفاع معدلات سلوكهم الإجرامي أو ارتكابهم أفعالاً خارجة عن القانون، كالمخالفات المرورية حينما يكبرون، ومنهم من قد يكون أُدين في جناية واحدة على الأقل، كما أنهن يعانون من العديد من المشاكل في مستقبل حياتهم، فتزيد احتمالات إساءتهم التعامل مع زوجاتهم وأطفالهم، وقد يواجهون مشكلات في الحفاظ على وظائفهم التي يشغلونها، لكن الأهم هنا هو زيادة احتمالات أن يمارس أبناؤهم سلوكيات بلطجة حينما يكبرون.


سادسًا: خصائص آباء الصغار الذي يقومون بسلوكيات البلطجة:

أفرد الباحثون حيزًا خاصًّا لخصائص هؤلاء الآباء حدَّدوها على النحو التالي:

1- البعض من هؤلاء الآباء قد يكونون متسامحين مع أبنائهم وغير قادرين على وضع حدٍّ لسلوكياتهم العدوانية؛ ولهذا يتمادى هؤلاء الصغار في سلوكياتهم، طالما أنه ليس هناك من انضباط عليهم، قد يكون هؤلاء الآباء تعرضوا لمثل هذه السلوكيات العدوانية في صغرهم؛ ولهذا يرون أن فرض المعايير الانضباطية على صغارهم إساءة لهم، ويتراخى هؤلاء الآباء في ضبط سلوكيات الأبناء في المنزل في علاقاتهم مع إخوانهم وأخواتهم الأصغر منهم، بحيث يسيطرون على الأسرة بأكملها، ويجعلون كل شيء فيها دائرًا حول أجندتهم الخاصة، ولا يصلح هذا الأمر مع الصغار الأكثر عدوانية؛ إذ يؤدي إلى نتائج سلبية بصفة عامة.


2- هناك آباء آخرون لا يضبطون سلوكيات أبنائهم بصورة متسقة، فإذا كانت حالتهم المزاجية معتدلة، فإن سلوكيات أبنائهم تبتعد عن العنف، وإذا تعرض الوالدان لضغط ما، فإنهم يفجرون غضبهم في صغارهم، وهذا من شأنه ألا يجعل الأبناء قادرين على استدماج قواعد السلوك الصحيحة، فلا يحترمون أي سلطة.


3- هناك من الآباء مَن هم مهملون ومتمركزون حول ذواتهم، فتكون النتيجة أنهم ينتجون أبناء باردين من ذوي سلوكيات "البلطجة"، فهم لا يضعون حدودًا لسلوكيات أبنائهم، ولا يديرون أنشطتهم، ولا يهتمون بهم، ومن هنا يُسيء هؤلاء الأبناء إلى الآخرين، طالما أنه ليست هناك من سلطة تردعهم، ويقومون بأفعال"بلطجة" يخططون لها، ويدعون آخرين إلى الانضمام إليهم، ويتميزون بالافتقاد إلى الرحمة، والتعاطف، والشفقة، فهم لم يتعلموها، كما نجدهم يعملون على إذلال ضحاياهم، كما يتميز آباء هذه الفئة من الصغار بالتعصب والاعتزاز بسلالتهم وجنسهم، وثرواتهم وإنجازاتهم، وإقصاء منافسيهم الذين يقفون في طريقهم.


يرى هؤلاء الآباء أن أبناءهم يجب أن يكونوا الأفضل في ميدان التنافس الأكاديمي والرياضي وغير ذلك، أما الآخرون فيجب أن يكونوا في وضع أدنى.


سابعًا: دورة البلطجة:

ركزت بعض الدراسات على موقف كافة الأشخاص الذين يتعاملون مع المواقف التي تحوي سلوكيات البلطجة، وتوصلوا إلى أن هناك ثمانية أنواع من هؤلاء الأشخاص المحيطين بهذه المواقف، يعملون جميعًا في دائرة أطلقوا عليها "دورة البلطجة"لاحتمال انتقال بعضهم من موقف الضحية إلى موقف الفاعل.


يرى الباحثون أن واحدًا على الأقل من كل جماعة من التلاميذ يمارس "البلطجة" في الفصل المدرسي، أما الباقون من الطلاب، فتختلف مواقفهم، ولكنهم يدخلون في هذه الدورة على أساس أن سلوكيات "البلطجة" في المدارس تؤثر على الطلاب الآخرين الذين يلاحظون ويراقبون هذه السلوكيات، وعادة ما يشعر هؤلاء التلاميذ إما بأنهم في بيئة غير آمنة، وتنتابهم عادة مشاعر الخوف، وعدم القدرة على التصرف، وإما بالشعور بالذنب بسبب عدم القدرة على التصرف، وإما بالشعور بالرغبة في المشاركة.


رتَّب الباحثون هذه الفئات من الطلاب على النحو التالي:

1- التلاميذ الذي يقومون بفعل "البلطجة": هؤلاء التلاميذ هم الذي يبدؤون بفعل "البلطجة"، ويلعب الواحد فيهم دورًا قائدًا.


2- الأتباع: هؤلاء التلاميذ يقومون بأدوار نشطة في عملية "البلطجة"، لكنهم لا يبدؤون بها، ولا يلعبون دورًا قياديًّا.


3
- المؤيدون السلبيون: يؤيد هؤلاء التلاميذ فعل "البلطجة" بنش


4- المؤيدون السلبيون أو ما يسمون بالفاعلين المحتملين: يحب هؤلاء التلاميذ سلوكيات "البلطجة"، لكنهم لا يظهرون ذلك بأي إشارات أو بتأييد خارجي لها.


5- المشاهدون من غير المتورطين: لا يتورط هؤلاء الصغار في سلوكيات"البلطجة"، ولا يشاركون بأي نشاط فيها في أي اتجاه، ولسان حاله أحدهم يقول:"ليس هذا شأني، دعني أشاهد فقط".


6- المدافعون المحتملون: لا يحب هؤلاء التلاميذ سلوكيات "البلطجة"، ويعتقدون أنه بإمكانهم مساعدة الضحية، لكنهم لا يفعلون شيئًا.


7- المدافعون الفعليون: لا يحب هؤلاء التلاميذ سلوكيات "البلطجة"، وهم يساعدون ويحاولون مساعدة الضحايا من التلاميذ.


8- الضحايا: وهم التلاميذ الذين يقع عليهم سلوكيات "البلطجة"، وتزيد احتمالات تعرض هؤلاء الصغار من ضحايا سلوكيات "البلطجة" إلى أمراض الاكتئاب والشعور بالعزلة والقلق، والشعور باعتلال الصحة والتفكير في الانتحار، كما أنهم يخشون الدخول إلى الحمامات، وركوب حافلات المدرسة.


ثامنًا: العوامل المسببة لسلوكيات البلطجة، ودوافع هذه السلوكيات:

يرى الباحثون أن هناك العديد من العوامل المسببة لسلوكيات "البلطجة"، وتعود معظم جذور هذه العوامل إلى الأسرة، قد تكون هذه العوامل جينية وقد تكون بيئية، من العومل الجينية هناك: الحالة المزاجية والذكاء، أما العوامل البيئية، فقد يدخل فيها تأثيرات الأسرة، والعلاقات بين الوالدين والأطفال، ومهارات الإدارة الأسرية، وهى العوامل الأشد تأثيرًا سواءً أكانت تتسبب في أذى الآخرين، أم لا، وهذا يعني أن الطفل الذي يمارس سلوكيات بلطجة لا يولد كذلك بالرغم من وجود الخصائص الجينية غالبًا، لكن بعضهم عدواني ومسيطر بطبيعته، وهذا لا يعني أيضًا أنه سيكون "بلطجيًّا" بصورة آلية، فالبلطجةسلوك متعلم، وليس سمة شخصية.


ويرى الباحثون أن سلوكيات "البلطجة" تنتقل من جيل لآخر، فإذا كانت العلاقات بين الأجيال المختلفة في الأسرة الواحدة علاقات إيجابية، تقل احتمالات هذه السلوكيات بين أفرادها، أما إذا كانت هذه العلاقات سلبية فقد تزيد احتمالات هذه السلوكيات، ويمكن القول بصفة عامة: إن الأجداد والآباء الذين تنتشر بينهم سلوكيات غير اجتماعية، تتشرب ذرياتهم هذه السلوكيات في فترة المراهقة.


أما عن دوافع سلوكيات البلطجة، فقد حددها الباحثون فيما يلي:

1 - الحاجة القوية لممارسة السلطة أو السيطرة.


2 - الشعور بالراحة عندما يتسببون في أذى أو معاناة يصاب بها ضحاياهم.


3 - الحصول على مكافأة مادية أو نفسية عند أذى الآخرين.


ويرى الباحثون في سلوكيات "البلطجة" أن الغرض من هذه السلوكيات هو إخفاء الضعف، وترتبط درجة "البلطجة" بدرجة هذا الضعف، ويسقط هؤلاء الذين يمارسون هذه السلوكيات ضَعفهم على الآخرين للأسباب الآتية:

1 - تجنُّب مواجهة عدم كفاءتهم، وتجنب فعل أي شيء لمواجهة ذلك.


2 - تجنب قبول المسؤولية عن سلوكهم وتأثيره على الآخرين.


3 - صرف الاهتمام بعيدًا عن الشعور بالضعف.


4 - التقليل من الشعور بالخوف عند اكتشاف هذا الضعف، وعدم الكفاءة، وعدم القدرة على المنافسة.


تاسعًا: آثار البلطجة على الضحايا:

يصف أحد الشباب تأثير سلوك بلطجة زملائه عليه حينما كان صغيرًا، فيقول:

"تخيل أنك تذهب كل يوم إلى مكان تعرف أنك سوف تتعرض للأذى فيه، إن الألم الملازم لك وأنت ذاهب إلى هذا المكان الذي تتعرض فيه لهذا التعذيب البطيء، يخترق عقلك في كل ثانية في اليوم، إن زميلك البلطجي يخترق عقلك، وهو يعرف كيف يفعل ذلك فعلاً، كنت أحاول دومًا وأنا في المرحلة المتوسطة أن أعرف أين سيكون هذا البلطجي؛ حتى أتجنب مواجهته بطريقة مباشرة،كنت أفكر دومًا كيف أحتال عليه، حينما كان المدرس يشرح الدرس، ويساعد الطلاب على فهمه، كان ذهني مشغولاً في مشكلتي الكبرى مع البلطجي: كيف أرضيه وأصرفه عني حتي لا يؤذيني، ولا يحرجني مع زملائي، لقد وصلت في تفكيري في هذه المشكلة إلى درجة أنني لم أعد أود أن أبقى طويلاً في هذه المدرسة،وشيئًا فشيئًا أصبحت صامتًا، وكنت لا أحضر إلى المدرسة كثيرًا، كنت أحاول أن أضع نفسي عمدًا في مشكلة حتى لا أذهب إلى المدرسة.


إن وقوعك في مشكلة يسعد البلطجي، وأحيانًا يحبك بسبب ذلك؛ ولهذا يحاول البعض من الطلاب الوقوع في مشاكل؛ حتى يكونوا مقبولين من هذا البلطجي، ومن ثم يتمكنون من التعامل معه، فسلوك البلطجي سلوك نفسي في المقام الأول".


وقد ركزت بعض الدراسات التي تتناول آثار البلطجة على الضحايا على تأثير سلوكيات البلطجة على نفسيات الضحايا وعلاقاتهم الاجتماعية، وتوصلت إلى ما يلي:

1- تأثير البلطجة على احترام الذات: يتصور الآباء أنه طالما تمكنوا من إيقاف سلوكيات "البلطجة" التي تقع على صغارهم، فإن المشكلة تكون قد انتهت، خاصة حينما لا يكون الخطأ قد وقع من جانبهم، وعلى الرغم من صحة هذه النقطة، فإن الطفل قد يحتاج إلى بعض المساعدة؛ لأن القضية التي ستشغله دومًا هي لماذا استهدف هو بالذات لسلوكيات "البلطجة"، مما يعني أن الطفل في حاجة إلى استعادة ثقته بنفسه.


2- تأثير البلطجة على نمو الذات: من أهم الآثار البعيدة المدى للبلطجة في المدارس التي يتعرض لها الطفل في حياته المتأخرة، هي افتقاده القدرة على تنمية ذاته، ويظهر هذا جليًّا في المواقف التي يلزمه البروز فيها؛ مثل: المقابلات الشخصية عند التقدم لوظيفة ما، أو في مواقف القيادة، وقد يملك الشخص المهارات الأكاديمية والقدرة على المنافسة، لكن خبرة الماضي قد تعوقه عن استكمال مقومات النجاح.


3- تأثير البلطجة على مهارات الاتصال: قد تؤثر خبرات "البلطجة" في مرحلة الطفولة على قدرة الصغير حينما يكبر في تنمية مهارات الاتصال مع الآخرين، وخاصة في مجال العمل، والبيئة الاجتماعية.


4 - تأثير البلطجة على علاقات الصداقة: قد يعاني البالغون الذين تعرَّضوا لسلوكيات بلطجة في فترة الصغر لصعوبات في تشكيل علاقات اجتماعية في المستقبل مثل علاقات الصداقة، ولهذا يلزم مساعدتهم في تعلم الثقة في الآخرين، وإشعارهم بأنهم يستحقون ذلك.


5- تأثير البلطجة على التوافق مع الآخرين:إن شعور الصغير بعدم احترامه لذاته، وافتقاده ثقته بنفسه، لا يمكن علاجه بمعجزة حينما يصبح بالغًا، فلا بد من مواجهة هذه الصعوبات في سن صغيرة؛ حتى يمكن مساعدته على التوافق مع الآخرين من زملاء العمل والأصدقاء بكفاءة عند البلوغ.


كما تكشف دراسات أخرى عن أن الصغار يخشون إبلاغ ذَوِيهم عن سلوكيات الطلاب الذي يمارسون ضدهم سلوكيات بلطجة، خشية أن يزيد البلطجي من عدوانيته، أو أن يقوم بإيذاء أحد أفراد أسرة الضحية؛ ولهذا يتحمل الصغار هذه السلوكيات على مضضٍ شديد، وهذا من شأنه أن يعزز هذه السلوكيات على مستوى المجتمع بأسره.


عاشرًا: مواجهة الأسرة لسلوكيات البلطجة:

اهتمت بعض الدراسات بتوضيح الإشارات أو العلامات التي تعرف بها الأسرة أن صغيرها تعرض لسلوكيات بلطجة (وخاصة بين الإناث)، ولخصتها فيما يلي:

1- انسحاب الفتاة من أنشطتها المفضلة.


2- قلة الاهتمام بالمدرسة والأنشطة المدرسية.


3- التخلف كثيرًا عن اللحاق بحافلة المدرسة.


4- فقْد الشهية إلى الطعام أو زيادة هذه الشهية.


5- الانسحاب من الدائرة الاجتماعية والصديقات.


6- الغضب.


7- الشعور بالضغط.


8- سرعة الاستثارة العاطفية.


9- العودة من المدرسة بملابس أو حقيبة ظهر ممزقة.


10- العودة إلى المنزل بدون الكتب المدرسية أو الأدوات الدراسية، أو صندوق الطعام.


11- وجود كدمات أو إصابات نتيجة لشجار.


12- الرغبة في الذهاب إلى المدرسة بأدوات حماية كالسكين... إلخ.


وركزت دراسات أخرى على تقديم عدد من الاقتراحات التي تساعد الأسرة على الأخذ بيد صغيرها لمواجهة سلوكيات البلطجة، وذلك على النحو التالي:

1- المحافظة على اتصال مفتوح مع هذا الصغير، وأن تتحدث معه يوميًّا عن تفاصيل ما جرى في المدرسة؛ سواء أكان شيئًا، صغيرًا، أم كان كبيرًا، وأن تسأله مع من كان يلعب، ومع من كان يتناول طعامه؛ سواء في فناء المدرسة، أو في خلوة، وعلى الوالدين أن يبديا للطفل اهتمامهما بذلك، وأن استفسارتهما ليست مجرد معرفة عابرة للتلهي، هدفها هو التفاعل مع عاطفة الطفل.


2-أن تؤخذ شكاوى الصغير بجدية، وأن تتعرف الأسرة على نوع "البلطجة" التي تعرض لها الطفل شفهية كانت أم بدنية، وعلى الوالدين أن يعلما أن الطفل إذا قص عليهما حالة واحدة من "البلطجة "، فهناك العديد الذي لم يقله لهما.

3- أن تعلم الأسرة أن الأطفال يستاؤون عادة من تدخل الوالدين لإنهاء حالة البلطجة التي يتعرض لها في المدرسة؛ ذلك لأنه ينظر إلى هذا التدخل على أنه وصمة اجتماعية بأن والديه يحاربان معركته بدلاً منه، لكن أمر التدخل يعود في النهاية لتقويم الوالدين لحالة طفلهما، ودور هذا التدخل بالتعاون مع إدارة المدرسة في الوصول بالطفل إلى حالة نفسية وبدنية جيده.


وتصيغ دراسات أخرى مقترحات أخرى للأبوين لعلاج مشكلة "البلطجة" في صورة نصائح تقدم لهما على النحو التالي:


1- استمع إلى الطفل: من أسوأ الأمور التي يفعلها الوالدان، هو تجاهل شكوى الطفل عن بلطجة الآخرين عليه؛ ذلك لأن أمر بوح الصغير لوالديه بحدوث هذهالبلطجة يحتاج منه إلى الكثير من الشجاعة، فعلى الوالدين أن يحترما هذه الشجاعة ويعطيانه الوقت الكافي لشرح ما حدث له.


2- صدق الطفل: ليست "البلطجة" هي الشيء الذي قد يحتمل أن يكذب الطفل فيه؛ ولهذا يجب تصديق الطفل في شكواه، والحصول منه قدر الاستطاعة على كافة المعلومات المتعلقة بالموقف، وكذلك أسماء المدرسين والتلاميذ الذين شهِدوا واقعة "البلطجة"، هذا بالإضافة إلى معرفة الكيفية التي استجاب فيها الصغير لهذه الواقعة.


3 - دعم الطفل: حينما يقول أحد الوالدين لطفله: تجاهل موقف "البلطجة"، فإن هذا قد يفسره بأنه لا يعبأ بمشاعره، وأن الموقف لا يهمه، والطفل لا يريد ذلك، إنه يريد اهتمامًا بالموقف لشدة التأثير العاطفي الذي يتركه الموقف عليه.


4 - عرف الطفل بأنه لا يلام على ما حدث: قد يشعر الطفل بأنه قد فعل شيئًا خاطئًا أدَّى إلى سلوك فيه بلطجة من الآخرين، ومن هنا يلزم أن يعرف الطفل أنه غير مسؤول عما حدث له.


5 - شجع الطفل: دع طفلك يحدد أفضل استجابة ممكنة للموقف، ابدأه بالسؤال: (إذا كنت تستطيع أن تقول لهذا الذي قام بسلوك فيه بلطجة ضدك شيئًا، فماذا تقول له؟)، يجيب الطفل عادة: أقول له دعني بمفردي؟ ماذا تقصد بذلك؟


6 - أكد حق الطفل في مواجهة الموقف بنفسه: عندما يسمع الطفل من آخرين وصفًا أو اسمًا يشينه، فإن من حقه أن يطلب من الآخرين احترامه.


7 - اتصل بالمدرسة: الصغير الذي يمارس سلوكيات بلطجة على طفلك، يمارسها أيضًا ضد أطفال آخرين؛ ولهذا على الوالدين الاتصال بإدارة المدرسة وإبلاغها بما حدث للطفل؛ حتى تضع حدًّا لسلوكيات الطفل المعتدي، وتتدخل حتى لا يقوم بهذه السلوكيات ضد أطفال آخرين.


8 - ضع في اعتبارك أن هذه الجهود لإيقاف سلوكيات "البلطجة" قد لا تتجه إلى الطريق الذي تريده: قد يعود ذلك إلى اعتقاد بعض المسؤولين أن الأطفال هم أطفال؛ ولهذا على ولي أمر الطفل أن يواصل جهوده؛ حتى يستجيب المسؤولون لشكواه.


9 - تابع الطفل: على الوالدين أن يسألا طفلهما بصورة دورية عما يحدث في المدرسة، وخاصة عن سلوكيات "البلطجة"؛ ذلك لأن المشكلة لن تحل فورًا، وقد تحتاج إلى لقاءات عديدة مع إدارة المدرسة حتى تحل المشكلة بصورة مرضية.


حادي عشر: دور المدرسة في مكافحة " البلطجة":

الواقع أنه إذا انتشرت سلوكيات "البلطجة" بصورة مستمرة في المدرسة، ولم تتخذ المدرسة أية موقف لمواجهتها، فإن المناخ المدرسي قد يتأثر بالكامل، ومن ثم تتسم بيئة المدرسة بالآتي:

1- سيادة مشاعر الخوف وعدم الاحترام، وعدم الشعور بالأمن، وكراهية المدرسة، وزيادة الإحساس بعدم فاعلية المدرسين وإدارة المدرسة بعدم القدرة على التصرف مع سلوكيات "البلطجة "، وأنهم لا يعتنون بهم.


2 - تأثر العملية التعليمية ودرجة انتظام التلاميذ في المدرسة.


ويرى الباحثون أن برامج مكافحة "البلطجة" في المدارس يجب أن تكون فعالة، ويجب أن ينظر إلى المدرسة كمجتمع صغير يلزمه في علاج مشاكله أن يغير مناخه ومعايير سلوكه، ويعمل على تحسين علاقات الطلاب مع بعضهم البعض؛ بحيث تكون المدرسة بيئة سارة وأكثر أمنًا.


ثاني عشر: خلاصة وتقويم:

تنتهي هذه الدراسات إلى بيان حقيقة أن "البلطجة" سلوك متعلم وليس سلوكًا ولد به الإنسان، خاصة وأن الدراسات الحديثة فجرت قنبلة أن "الجينات ليست مرتبطة بالسلوك".


كما أكدت هذه الدراسات التي أشرنا إليها على الدور الكبير الذي تلعبه الأسرة في سلوك صغارها؛ سواء في تعلم هذه السلوكيات، أو في تصحيحها أو تعديلها.


وهذا يعني أن الأسرة هي المسؤول الأول عن سلوكيات أبنائها ومنها بالطبع سلوكيات "البلطجة".


وقد اعترف الليبراليون من ذوي التوجهات الماركسية بشكل خاص بأنه "إذا غاب تأثير الدين ظهر تأثير العوامل الاجتماعية"، ومن ثم ننتهي إلى حقيقة واضحة، وهي أن "البلطجة" كسلوك غير اجتماعي ناتج عن أن الأسرة التي ينتمي إليها صاحب هذا السلوك أسرة لا تقوم كلية على الدين، وإنما تقوم على ما تعارف عليه المجتمع، رغم أن طقوس الزواج وشكلياته تأخذ طابعًا دينيًّا، وهذا ما دعا إليه عالم الاجتماع اليهودي "إميل دوركايم" في مقولته الشهيرة بأن "الله هو المجتمع".


والناظر إلى ظاهرة "البلطجة" من زاوية إسلامية، يرى أنها ظاهرة "لا أخلاقية" لا يقرها الإسلام، لكن علاجها لا يكون من زاوية أخلاقية، وإنما من زاوية عقدية؛ ذلك لأن المفكرين الإسلاميين يؤكدون "أن الدعوة إلى الأخلاق يجب ألا تحتل المرتبة الأولى في إصلاح المجتمع أو إعادة بنائه، إنما يجب أن تكون الدعوة إلى العقيدة هي الأصل؛ لأن الأخلاق نتاج لأوامر الله، وهي تأتي من الدعوة إلى العقيدة، وإلى تطبيق الإسلام بصفة عامة"،فالمشكلة إذًا ليست مشكلة صغار أفسدتهم تربية أسرية، وعلينا إعادتهم إلى السلوك القويم بالدعوة إلى الأخلاق القويمة، إنما هي مشكلة مجتمع قد فسَد كله بسبب بعده عن هذه العقيدة"، ومن ثم يكون التركيز على حل مشكلة "البلطجة" في المدارس، وغيرها من مشاكل المجتمع، هو تركيز على جزئية هزيلة على هامش الحقيقة الإسلامية، وتفريغ الجهد لحلِّها أو التحمُّس لاستنكارها لن يجدي نفعًا؛ لأن المجتمع كله قد فسد، فلا جدوى إذًا من الإصلاحات الجزئية؛ ولهذا ينبغي أن تبدأ المحاولة من الأساس، وتنبت من الجذور، وأن يتركز الجهد أصلاً على إقامة مجتمع صالح يقوم على دين الله، بدلاً من التركيز على إصلاحات جزئية، فكيف يمكن أن نتصور أن الزواج في مجتمعنا بوضعه الحالي، الذي منذ الشروع فيه حتى إتمامه لا يقوم على التقوى، وإنما على جرف هار قاعدته أعراف المجتمع وتقاليده وقِيمه المتلبسة بأعراف وقِيم وتقاليد الحضارة الغربية، بعد أن نجح الغرب ومُقلديهم في بلادنا في دعوة الناس إلى الانتقال من قاعدة الدين إلى قاعدة المجتمع، كيف يمكن لهذا الزواج أن يثمر عن ذرية صالحة تأتمر بأوامر الله، وتنتهي عما نهى عنه، وتطبق ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن فحاشًا، ولا لعانًا، ولا بذاءً، ولا معتديًا على الآخرين، وإنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فقال لأمته: "ما نحل والد ولدًا خيرًا له من أدب حسن"، وقال أيضًا: "أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم"، وعلمهم كذلك تخليق أولادهم منذ الصغر على الصدق، والأمانة، والاستقامة، والإيثار، وإغاثة الملهوف، واحترام الكبير، وإكرام الضيف، والإحسان إلى الآخرين، ومحبتهم، كما علمهم كذلك تنزيه ألسِنتهم عن السباب، والشتائم، والكلمات النابية، وعن كل ما ينبئ عن فساد الخلق، وسوء التربية، وعن الترفع عن دنايا الأمور، وسفاسف العادات، وعن كل ما يحط بالمُروءة والشرف والعفة، وعلمهم أيضًا كل ما من شأنه أن يزرع في الأبناء المشاعر الإنسانية الكريمة والإحساسات العاطفية النبيلة.


وقد أكمل الله تعالى له ولأمته دينهم؛ حتى إنه علمهم آداب الغائط، قبله وبعده ومعه، وآداب الوطء والطعام والشراب، وقد توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما من طائر يطير في السماء، إلا ذكر منه لأمته علمًا، وقال لهم: " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك"، وقال: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم"، وقال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].


لكن الناس اليوم إلا من رحم الله، زاغوا عن هذا الدين، وعن هذه المحجة البيضاء، فكانت "البلطجة" أحد ثمار هذا الزيغ، ولن تحل هذه المشكلة الجزئية وغيرها من المشاكل، إلا إذا رجع الناس إلى قاعدة الدين التي بناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرروا قِيمهم ومعاييرهم، وأعرافهم وتقاليدهم، مما تلبَّس بها من قِيم ومعايير الحضارة الغربية التي فصلت دينها عن حياتها، وجعلت الدين أمرًا شخصيًّا لا علاقة له بشؤون الحياة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شبابنا... عندما تصبح البلطجة هي الحل!
  • ظاهرة البلطجة وكيف عالجها الإسلام

مختارات من الشبكة

  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أهمية القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملخص مفاهيم القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وقل رب زدني علما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القراءة المقبولة والمردودة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قراءة في كتاب ظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • منهج الزمخشري في الاستشهاد بالقراءات القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قياس وتدريبات القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التوجيه الصوتي للقراءات القرآنية في كتاب "لطائف الإشارات لفنون القراءات" للقسطلاني، الصوامت نموذجا(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • سورة الصمد في الصلاة بين قراءتها عادة وقراءتها محبة!(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- العلم رحم بين أهله
أيمن خلف - مصر 25-08-2015 03:29 PM

ايمن خلف - ماجستير الشريعة الاسلامية جامعة الازهر - القاهرة
بارك الله فيك أستاذنا الفاضل على هذه الكلمات الطيبة الرائعة وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك كما أسأل فضيلتك أن تمتعنا دائما بمثل هذه الأبحاث حتى تكون لنا رفيقا في دروب العلم وطريقه وجزاكم الله خيرا

1- الحب فى الله أغلى الحب وأنا أحبك فى الله أستاذي
محمد عوض على البنا - معيد بقسم الخدمة الإجتماعية ب - مصر 30-03-2013 11:59 PM

كم أنا سعيد بمعرفة شخصية مثل شخصية حضرتك وأتمنى أن لا تتعب من أولادك إطلاقاً فأنت خير صاحب فى هذا الطريق وأسأل الله العلي القدير أن يبارك فى عمرك ويمتعنا بعلمك وما تعلمته من أساتذتك على مدار رحلة كفاحك فأن والله يعلم كم أني أحبك أكثر من أشياء كثيرة مهمه فى حياتي وأتمنى أن يديم الله معرفتى بحضرتك خلال رحلة البحث العلمي وأتمنى أن تستحملنا لأننا براعم في هذا المجال ونحتاج أن نتأسس بالطريقة الصحيحة وجزاك ربي كل خير دائما في الحياة.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب